كوكب محسن تكتب: المعادلة الصفرية ..كوڤيد ١٩ وحصاد ما تحت خط الفقر

أن تعود إلى الصفر بعد الكثير من الجهد والعمليات الحيوية والزيادة والنقصان والضرب والقسمة ،  في حلقة معاناة مفرغة لا تساوي الجهد والنتيجة لا شيء ، ذاك مصطلح عالمي متعارف عليه اقتصاديا وسياسيا يدعى (المعادلة الصفرية ).   وهو ذاته الذي يصف معاناة الملايين من الفقراء في العالم بمعادلة صفرية ، حيث يعملون ساعات طويلة في ظروف عمل قاسية بأجور لا تكفي سد حاجاتهم الأساسية ليتبقى من جهدهم لا شيء ، ويبقوا عاجزين عن سد العديد من الاحتياجات الاخرى التي تلزم اَي مواطن اخر في العالم كتكاليف العلاج أو المصروفات الدراسية أو تكلفة المواصلات أو البنزين إن كانو ممن يمتلكون دراجات بخارية او سيارات صغيرة ، وهو ما لا يجعلهم فقراء فقط ، بل تحت خط الفقر ذاته .   هل أنت فقير .. هل يوجد فقراء في أمريكا وأوروبا وكندا تحت خط الفقر .. ماذا يفعل كل هؤلاء المدقعين في ظل الكرود الذي خلفه كوڤيد ١٩   "مؤشر الفقر  لعام 2019"  هو آخر احصائية دولية جامعة، والذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يقول أنه في 101 دولة هناك 1.3 مليار شخص يعانون الفقر "متعدد الأبعاد". ومن بين 1.3 مليار شخص ممن تم تصنيفهم كفقراء، هناك حسب التقرير حوالي 663 مليونا من أطفال دون سن الـ 18 عاما، وحوالي الثلث منهم، أي حوالي 428 مليون هم أطفال دون سن العاشرة.   الفقر لكي تتعرف على وضعك هو ما تم الاتفاق عليه حسب تصنيفات البنك الدولي في الدول منخفضة الدخل أي الفقيرة بأنها تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار .   70 دولة من دول العالم في الشمال والجنوب بها ملايين الأفراد يعانون الفقر ، حتى أن حوالي 45% من الفقراء يعيشون في مجتمعات غير منخفضة الدخل، أي هناك فقراء في بلاد الأغنياء   المفاجأة إن كنت تظن ان افريقيا وآسيا فقط من يعاني تحت وطأة الوباء الجديد فأنت مخطيء ، فهناك 30 مليون فرد يعيشون تحـت خط الفقـر في الولايات المتحدة الأمريكية ، أي حوالي 15 % من السكـان ، وربما لاحظت أن أعلى معدل وفيات جراء الفيروس في أمريكا بسبب التفاوت الطبقي الكبير وعدم قدرة الملايين من الفقراء على الحصول على رعاية صحية مناسبة والوقوع فريسة الانتظار على قوائم المسموح لهم بالدعم الحكومي والذين يمتلكون تأمينات صحية سارية اذا ما كانو يعملون من الأساس ولَم تشردهم البطالة .   كيف يأتي الموت فجأة ليحصد مئات الآلاف من الأرواح في مناطق دون غيرها من العالم ويهدد ملايين منهم ولماذا ..   الفقراء يتعدون الْيَوْم ٢ مليار فرد في العالم (حيث متوسط دخل الفرد يقل عن 275 دولار سنوياً)، من حجم السكان في العالم البالغ حوالي 6 مليار فرد، منهم 1.5 مليار لا يحصلون علي مياه شرب نقية، وطفل من كل ثلاثة يعاني من سوء التغذية، ومليار فرد يعانون الجوع.   وما بين الهند التي تضم اكبر عدد للفقراء ف العالم (350 مليون) فقير ، يليها الصين بنحو  (105 مليون) فقير ، وصولا إلى أفقر دول افريقيا (40 مليون) فقير ، يستعد الموت ليخطف المزيد من الأرواح البائسة من ذوي المعادلة الصفرية . أما مصر فقد صنف البنك الدولي مواطنيها في اخر احصاء له قائلا إن نحو 60 % من سكان مصر إما فقراء أو عرضة للفقر. ما يؤهلها للحصول على الدعم بشرط تنفيذ إصلاحات اقتصادية ، بدأ بتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وخفض الدعم عن عدد من الخدمات، ورفعه تدريجيا عن الوقود وصولا لتحرير أسعار، سعيا لضبط المالية العامة.   عالميا .. وفي الـ20 عامًا الماضية، زادت نسبة الفقراء بنحو 100%، حيث بلغت 32.5 في 2018 مقابل 25.2% في عام 2010/2011. وأعلن يوروستات، المكتب الإحصائي للإتحاد الأوروبي في تقريره أن هناك ما يقارب 109 مليون شخص أو ما نسبته 21.7 ٪ من سكان الإتحاد الأوروبي عرضة لخطر الفقر أو الإقصاء الإجتماعي.   أى أن واحداً من كل ستة أوروبيين يعانون من الفقر وواحد من كل 17 شخصاً يعاني من الفقر المدقع في سبع دول أعضاء في الإتحاد الأوروبي، هذا يعني أنهم يعيشون ظروف معيشية صعبة بسبب نقص الموارد، وعدم القدرة على تحمل الفواتير وسدادها.   لن تندهش إذن اذا عرفت أن نحو خمس سكان ألمانيا مهددون بالفقر أو التهميش ، أي ما يعادل حوالي 15.5 مليون شخص، حسبما ذكر مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن ، ومن ثم تزداد حالات الوفاة ولا يتم السيطرة على تفشي العدوى في مدن كاملة وأحياء شديدة الفقر .   هل فكرت في كندا حلم المهاجرين من دول الفقر المدقع .. هيئة الإحصاءات الرسمية الكندية تشير إلى أن 2ر3 مليون كندي من اصل 37 مليونا يعيشون تحت خط الفقر بينهم 66 ألف طفل، وذلك بناء على عائدات ضريبة الدخل.   هذا الوباء العالمي كشف الكثير من الحقائق ، كورونا أصبحت تهدد أكثر من 40 مليون شخص جديد بالفقر ليضافو إلى أقرانهم في شتى أنحاء العالم . كورونا اثبتت أنه لا يوجد دول غنية ودوّل فقيرة ، هناك فقراء لا يكسبون قوت يومهم في كل مكان ، وأخيرا العالم بات مرآة لم يعد أيا من الدول قادرًا على التشدق بالقوة المطلقة ، اذا ما كان غير  جدير بحل ازماته الداخلية ، لكن سياسات يروج لها للحصول على منافع واستغلال نقاط ضعف دول وانظمة . كلنا في الفقر سواء في كافة دول العالم ، والانظمة الطبية بحاجة للمزيد من الاهتمام والتطوير في كافة دول العالم ، والخدمات المقدمة لمن يستطيع الدفع لا زالت سارية في كل مكان . حيث لا مكان للفقراء على خارطة الأزمات ، لأنهم يصنفون معادلات صفرية لا تضيف ولا تبقي وراءها شيئا رغم ما يبذلون من جهد في كافة المجالات السؤال هنا : هل أنت معادلة صفرية .. أم مواطن فوق خط الفقر .